12-10-2021 09:32 AM
بقلم : احمد عبد الباسط الرجوب
مرت السنوات (شباط / فبراير 2020 والى يومنا تشرين ثاني / اكتوبر 2021) منذ ان استيقظ العالم على خبر تفشي جائحة فيروس كورونا ، وشهد العالم في هذه الفترة أحداث تذكر بفترات الحروب، من إغلاق شبه كامل للمنشآت الإجتماعية والتعليمية مروراً بتوقف عجلة الإنتاج ووضع الشعوب في عزل إجتماعي أدى إلى خلو الشوارع وتحولها إلى " مدن أشباح ". ، وحتى انفراج الاحوال عند كتابة هذا المقال " هذه الايام " والتي اعلنت عنها الحكومة وتفاصيل مرحلة العودة التدريجية إلى الحياة الطبيعية بعد نحو سنة وما يزيد من الإغلاق العام والحظر الجزئي لمواجهة تفشي فيروس كورونا.. ، فقد ألقت هذه الجائحة بتحديات استثنائية على عاتق الدول والمجتمعات في شتى دول العالم وهو ما عكس حالة من عدم الاستقرار وما بدى واضحا من ضعف السيطرة على قطاع الأعمال وغيره، فبالإضافة إلى حالة الذعر التي أصابت الموظفين وغيرهم من الأطراف المعنية نتيجة الخسائر البشرية التي تسبب فيها فيروس " كوفيد-19 "، فعندما نتحدث عن حالة الوباء في بلادنا الاردنية يتعين على المعنيين ممن اداروا / يديرون مفاصل الازمة بالاقرار بان ادارة ازمة هذا الوباء اخذت منعطفات من الصعوبة بمكان تحري مجرياتها من يوم الى يوم وهذا الامر لا يحتاج الى مزيد من الشرح والتفصيل منذ ظهور الحالة الاولى للاصابة بهذا الفيروس في شهر فبراير / شباط 2020 مما عكس حالة عدم وضوح الرؤية والاتزان الموضوعي والعملي في " فن ادارة هذه الازمة " في بعض الاحيان ..
لقد أثبتت أزمة فيروس كورونا أهمية علم إدارة الأزمات في العصر الحالي والذي شهد العديد من المتغيرات الفجائية والمتشابكة، تجاوزت فيها تأثيراتها الحدود إلى المستويات الإقليمية وصولا إلى العالمية ، وفي متابعة أزمة سريعة التطور والتنبؤ بما يمكن أن تؤول إليه ، – وهنا لا انكر او انقص لا سمح الله – من الاجراءات التي اتخذتها الدولة في التعامل مع هذه الجائحة ، ولكنني اود التنوية وكما اسلفت الى الادارة المهنية والاستقراء المحلي والدولي على تطور تفشي هذا الفيروس والذي تطلب / يتطلب من المعنيين بادارة هذه الازمة التغلب على ما يسمى " التحيز لحالة الاستهانة الطبيعية " وهي حالة تسفر عن استهانة المرء باحتمال حدوث أزمة والتهوين من عواقبها، وقد يحدث مما لا يحمد عقباه من انهم سيعجزون عن التصدي للجائحة إذا حاولوا التعامل معها بالطرق المعتادة عند مواجهة الطوارئ الروتينية (وهذا للاسف ما حدث في بداية التعامل مع الجائحة)…
من بين معالم الواقع الجديد، الذي أفرزته أزمة تفشي وباء كورونا في أنحاء العالم، كان ذلك الاختبار القوي للاعلام الفضائي والاعلام المجتمعي (وسائل التواصل الاجتماعي)، وهما سمة واضحة لاينكرها أحد في العالم المعاصر ، وبقدر ما أسهمت تلك الوسائل ، في تخفيف وطأة أزمة التواصل المباشر بين البشر، بفعل المخاوف من تفشي الفيروس، بقدر ما بدا من وجهة نظر كثيرين أنها فشلت في اختبار المصداقية…
وعلى مستوى تويتر وفيسبوك في العالم العربي لم تخل المنصتان من سيل أكاذيب وقصص ملفقة وفيديوهات مفبركة، وقد تركز أغلبها حول ربط جائحة كورونا بأسباب غبية، فباتت مادّة دسمة للأخبار الكاذبة ذات الخيال الخصب ، وعلى سبيل المثال لا الحصر فقد تداولت بوستات وتغريدات تصريحاً منسوباً لرئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي جاء فيه " انتهت حلول الأرض والأمر متروك للسماء "، بما يوحي أن البلد انهار أمام الأزمة، لكن هذا لا أصل له...
ولأن " آفة الأخبار هم رواتها "، فإن جمهور وسائل التواصل الاجتماعي تحديدا يتحمل جانبا كبيرا من المسؤولية فيما يجري الحديث عنه من جوانب سلبية، أفرزها استخدام تلك الوسائل خلال الأزمة، من نشر أخبار مفبركة، إلى نشر شائعات، إلى السعي لبث الخوف والذعر في نفوس الناس، الذين وضعتهم الأزمة في حالة من القلق، يدفعهم للتشبث بأية معلومة ربما تكون في أساسها غير صحيحة ، وكان لافتا كيف تحرك موقع تويتر، الأكثر تداولا في العديد من الدول العربية، ليعلن حظر " المحتوى المضلل " حول الوباء وليقول إنه سيزيل أي محتوى، يروج لمزاعم غير محددة ومضللة بشأن فيروس كورونا ، ..
السؤال هنا ما هى العلاقة بين متداولات مواقع التواصل، والشعور بالقلق الاجتماعي؟ ..لقد توصل الباحثون إلى أن منشورا واحدا سلبيا عن حالة الطقس السيء، من شخص يعيش في مدينة ممطرة على سبيل المثال، أثر على منشورات أخرى لأصدقاء له يعيشون في مدن جافة.. ولك ان تتخيل اخي القاريئ بأن هناك ثلاثة مليارات شخص حول العالم يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي، أي ما يعادل 40 في المئة من سكان العالم. كما ان الشخص يقضي في المتوسط نحو ساعتين يوميا في تصفح هذه المواقع والتفاعل من خلالها، وذلك وفقا لبعض الدراسات الحديثة. ويمكن القول إن هناك نحو نصف مليون تغريدة وصورة تنشران على موقع سناب تشات للمحادثة كل دقيقة...
اليوم نقولها وبصدق ان نجاح الإعلام في بعض الدول في التعامل مع أزمة فيروس كورونا في وقتنا الراهن هو دليل لنجاح الدولة في إدارة الأزمة بشكل عام، وسيطرتها على الأمور الداخلية في المجتمع بكل شفافية ووضوح على المنصات الاجتماعية ، ففي كثير من الدول كثُرت خدمات التطبيب عن بعد والاجتماعات والورش والمحاضرات الافتراضية، التي حافظت على استمرار الأعمال وتوفير أبرز المعلومات والخدمات التي عهدها الجمهور في السابق. نحن نعيش اليوم جائحة حقيقية، لا مفر منها ولا جدال فيها، ولذا لنرفع سقف الوعي المجتمعي ولنكن عوناً لهذا الوطن.
اما الفضائيات المنتشرة في بلادنا فقد كانت لها اليد الطولي في تشتيت وارهاب الناس باستضافتها العديد من الاطباء والذين اصبحوا عتاة الدهر في العلم والاستطباب ويدخلون عبر الشاشات الى كل البيوت من دون استأذان ولكنك تتوه مما تسمعة منهم جميعا ، اذ يخرج علينا في اليوم ما لا يقل عن خمسة منهم واحيانا في نفس الوقت على اربعة او خمسة فضائيات ” يا للهول ” ، وهنا استغرب اين سطوة ادارة خلية الازمة ووزارة الصحة عليهم حيث آن الاوان تحديد المخولين للظهور على وسائل الاعلام وتحديدا الفضائيات وباذن مسبق ، وهنا اضع امام من يهمة الامر السؤال الافتراضي التالي:
كيف نضمن نجاح الإعلام في هذه الظروف؟ … اعتقد ان فصل القول " لجهيزة " في بطن الشعراء اصحاب السماحة في الحوزة الاعلامية في بلادنا وخاصة بعدما آلت حقيبة الاعلام من الحجاج المهندس المدني الى خباز الاعلام ..
وهنا دعوني ان اهمس بإذن خباز وقبطان اعلامنا الجديد صاحب الخبرة المتمرس بأن نجاح دور الإعلام في مواجهة الأزمات يتطلب التركيز على ما يلي:
1. إنشاء خلية الأزمة الإعلامية التي تضم الإعلاميين والمتخصصين في مجال ادارة الأزمات ، مع تكليف متحدث إعلامي رسمي متخصص في الأزمات للخروج بحديث يومي مقتضب وكلما دعت الحاجة لاطلاع وسائل الاعلام عليها.
2. التعامل مع بعض المؤثرين الأجانب لإيصال رسائل التوعية لمختلف الجنسيات في الدولة.
3. تحديد خطة استباقية للسيطرة على الشائعات والتخلص منها، والاستفادة من تجارب الدول الناجحة في توظيف وسائل التواصل الاجتماعي لمواجهة الأزمة وخاصةً في البنية التقنية والاتصالية المتقدمة.
4. تحديد المخولين بالظهور على القنوات الفضائية (ومن جهات بعينها) وبشكل مبرمج وليس يوميا مثل المسلسلات التركية المدبلجة ، هم نفس الشخوص ومن نفس الجهة وذات التحليلات اللهم الا تغيير هندامهم وربطات اعناقهم .. (البقعة العمياء في الاعلام والتي حصرت نفسها ببث اراء اناس محددين)..
صفوة القول … نتوجه بالرجاء لمن يهمة الامر والقائمين على ادارة الاعلام في بلادنا على ضرورة مراجعة كافة التشريعات الناظمة للعملية الإعلامية في بلادنا ، كما ونتوجه الى هيئة الاعلام المرئي والمسموع بضرورة وضع الضوابط الناظمة الصارمة لوسائل الاعلام المجتمعي والفضائيات وبخاصة القطاع الخاص وتحديدا فلتان القباطنة من هم امام وخلف الميكروفونات في طروحاتهم وحواراتهم لضيوفهم وبخاصة المحللين والاداريين حول المواضيع المطروحة على مائدة البث التلفزيوني او الاذاعي…
باحث ومخطط استراتيجي
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
12-10-2021 09:32 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |